في ذكرى رحيل رمز العروبة والكرامة الزعيم جمال عبـد الناصر " 1ــ2 "

28 سبتمبر 1970 ـــ 28 سبتمبر 2013م

العروبة – خاص/ علي عمر الصيعري:

عندما كنت في العاشرة من العمر ، وتحديدا في مطلع سبتمبر ، تلقيت رسالة شكر من مكتب الزعيم المخلد فينا/ جمال عبد الناصر  ،عبر مكتبة الوالد " حداد " ـ رحمه الله ـ رداً على رسالة بعثتها له أنا وبعض الأصدقاء مهنئاً له بذكرى ثورة 23يوليو الخالدة . طرنا جميعا فرحا ومعظمها ينبثق من راديوهات المقاهي الشعبية المنتشرة في المكلا .

وسعادة من هذا الحدث الذي ظل محفورا في أعماق أعماقي إلى هذه اللحظة . جمال عبد الناصر الزعيم العربي الذي تتوقف الحركة في مدينتي " المكلا "  وتصمت الأصوات ، وتتعلق الأنظار بالراديو لتصغي لصوته الوقور ينثال عبر الأثير في آذان كل عربي في كافة إنحاء  الوطن العربي . الزعيم جمال يهدينا توقيعه على رسالته لنا واحداً واحدا  وهو المشغول بهموم وتطلعات الأمة العربية !! يا للفخر.

 وكنت قبل هذا لا أفوت فرصة للاستماع لخطاباته التي تصل إلى الشوارع ، وتنبثق من كل  مذياع في  المقاهي الشعبية كذلك محفزة في نفوس وعقول الشعب العربي العزة والكرامة والعروبة ، فتتعلل في الوجدان مشاعر الانتماء لعروبتنا .

وتؤصل في نفوسنا المضي قدماً نحو الحرية والخلاص من المستعمر في كل قطر عربي . لقد دخل هذا الزعيم الخالد التاريخ من أوسع أبوابه ، وهو الذي قدم من أوساط أسرة شعبية.

حيث ولد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918 وهو من أصول صعيدية، حيث ولد والده في قرية بني مر في محافظة أسيوط، ونشأ في الإسكندرية .

وعمل وكيلا لمكتب بريد باكوس هناك ، وكان جمال عبد الناصر أول أبناء والديه .

ومن خلال ثقافته المبكرة وولعه بالقراءة ، تشكلت في ذهنه بوادر القومية العربية متوافقة مع النزعة العروبية . وبحسب ما ورد في موسوعة " يوكيبيديا "، يقول كُتاب سيرة عبد الناصر روبرت ستيفنس وسعيد أبو الريش أن عائلة عبد الناصر كانت مؤمنة بفكرة "المجد العربي"، ويتضح ذلك في اسم شقيق عبد الناصر، وهو عز العرب، وهذا اسم نادر في مصر.

بدأ جمال  حياته السياسية بالنضال الطلابي، واول مظاهرة طلابية قادها هي تلك المظاهرة الطلابية التي خرجت احتجاجاً على البيان الذي أدلى به وزير الخارجية البريطاني، وأعلن  فيه رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر. وفي تلك المظاهرة أُصيب بجرح في جبينه سببته رصاصة من ضابط إنجليزي .رافق ذلك تأثر جمال عبد الناصر بالقومية المصرية  التي اعتنقها السياسي مصطفى كامل والشاعر أحمد شوقي، ومدربه في الأكاديمية العسكرية، عزيز المصري، وقد تأثر ناصر بشدة برواية  "عودة الروح " للكاتب المصري توفيق الحكيم، التي قال فيها توفيق الحكيم:( أن الشعب المصري كان فقط بحاجة إلى "الإنسان الذي سيمثل جميع مشاعرهم ورغباتهم، و الذي سيكون بالنسبة لهم رمزا لهدفهم). وكانت هذه الرواية هي مصدر إلهام لعبد الناصر لإطلاق ثورة 1952م وفق إجماع كتاب سيرته والمؤرخين والمحللين السياسيين.

وفي الجانب القومي بدأ ناصر معركته مع العدو الصهيوني قبل تفجيره لثورة 23 يوليو بأربع سنوات تقريبا . أي في العام 1948م  وكان ناصر نائب قائد القوات المصرية المسئولة عن تأمين  "الفالوجة."

أصيب عبد الناصر بجروح طفيفة في القتال يوم 12 يوليو. وبحلول شهر أغسطس، كان عبد الناصر مع فرقته محاصرين من قبل الجيش الإسرائيلي، ولكن الفرقة رفضت الاستسلام. 

أدت المفاوضات بين إسرائيل ومصر أخيرا إلى التنازل عن الفالوجة لإسرائيل .

واورد كاتب سيرته "روبرت ستيفنس": أنه وفقا "لإريك مارغوليس" الصحفي المخضرم، تحملت القوات المصرية القصف العنيف في الفالوجة، بالرغم من أنها كانت معزولة عن قيادتها. 

وأصبح المدافعون، بما فيهم الضابط جمال عبد الناصر أبطالا وطنيين حينها.

على الرغم من أن عبد الناصر هو القائد الفعلي والمؤسس الرئيس لــ"حركة الضباط الأحرار " ، إلا أنه عند إشارة البد للقيام بالثورة ، اختار لذلك " محمد نجيب " ليكون قائدا للثورة (اسمياً).

وانطلقت الثورة يوم 22 يوليو وأعلن نجاحها في اليوم التالي. وكان وهو لازال نائباً لرئيس مجلس القيادة ، قام بالعديد من الإصلاحات كقانون الإصلاح الزراعي، وإلغاء النظام الملكي، وإعادة تنظيم الأحزاب السياسية .

ومما يُحسب لناصر أنه وضع قانون الإصلاح الزراعي حيو التنفيذ مما أعطى هذا القانون مجلس قيادة الثورة هويته وحول الانقلاب إلى ثورة ، بحسب كاتب سيرته الثاني " سعيد أبو الريش " .

والذي أشار بدوره إلى قيام جمال عبد الناصر بــ"أنه في يناير عام 1953، حظر ناصر جميع الأحزاب السياسية، وخلق نظام الحزب الواحد.

وعلى الرغم من قرار حل البرلمان، كان عبد الناصر عضو مجلس قيادة الثورة الوحيد الذي ما زال يفضل إجراء الانتخابات البرلمانية، وفقا لعبد اللطيف البغدادي (أحد زملائه من الضباط).

وظل عبد الناصر ينادي بإجراء الانتخابات البرلمانية "

 يتبع في المقال القادم....