أخر الاخبار

الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

دور الفن في تعزيز اللحمة الوطنية

دور الفن في تعزيز اللحمة الوطنية

العروبة – خاص / محمد سالم سعد باحمران


 إذا نظرنا للفن أو الفنون بشكل عام، ومن مختلف زواياه ،لوجدنا أنه أحد الوسائل التعبيرية المهمة لكل مجتمعٍ ولكل شعبٍ .

كما أنه يشكل مرآة عاكسة للمستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وغيره.

ويكمن دوره في السمو والارتقاء برسالته السامية التي تقع مسؤوليتها على عاتق رواده وأساطينه في مختلف الميادين بتعدد أشكاله وصوره، وفي مقدمتها المسرح الذي هو أبو الفنون، وكذلك المسلسلات والفن التشكيلي وفن الكاريكاتير.

ثم يأتي دور الإبداع والمبدعين في مجالات الأدب والشعر والقصة والموسيقى والقصائد الغنائية المعبرة عن مختلف القضايا والهموم من ناحية، ومن ناحية أخرى ملامسة ما يختلج في النفس من مشاعر وأحاسيس المتلقي، وغرس القيم النبيلة، والارتقاء بالذوق والشعور بالتفاؤل المفعم بالأمل، إلى آخره بشكل عام .

أما على وجه الخصوص ،فإن الكلمة الأدبية والشعرية التي تتكون منها القصيدة والقطعة الأدبية النثرية والغنائية وبخاصة ما تزخر به بلادنا من العديد من رجالات الأدب والفنون الموسيقية وما يتألق فيها من عطاء راقٍ، وما خلفوه لنا من تراثٍ عظيم عبر مختلف المراحل الذي كان ولا يزال له دوراً كبيراً في خلق التواصل والتمازج بين مختلف الشرائح المجتمعية من أقصى الوطن إلى أقصاه، خصوصاً وأن فنوننا الأدبية والموسيقية متعددة الألوان والأشكال والقوالب، سيما ونحن نعيش عصر التكنولوجيا وتقنية المعلومات.

ما أشرنا إليه آنفاً ساعد على أن يلعب الفن دوره التاريخي في تعزيز اللحمة الوطنية، وتوثيق وشائجها عبر الساحة الإبداعية والثقافية والفنية.

وعلى الرغم من تعدد واختلاف اللهجات المحلية في وطننا الواحد وتنوع مفرداتها، إلا أنها تتحد في مضامينها ومعانيها.

إن الساحة الأدبية والفنية زاخرة بالعديد من ألوان الفن الغنائي، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اللون الصنعائي بمفردات قصائده الأدبية، واللون اللحجي، واللون اليافعي، واللون الحضرمي، واللون التهامي ، واللون التعزي ..إلى آخر هذه الألوان اليمنية الأصيلة.

سنلاحظ ذلك التأثر والتأثير بين مختلف المبدعين ، وفي مختلف المناطق والمحافظات، يتجلى في التمازج والتساوق وتذويب مختلف مفردات اللهجات المحلية المتعددة، باستثناء اللهجتين المهرية والسقطرية في صياغة قصائدها التي ظلت تتداول في نطاق محصور بين أبنائها .

غير إن المبدعين الشباب من الشعراء والفنانين عادة ما يقدمون إعمالهم الفنية باللغة العربية.

وفي هذا السياق سنجد، كذلك ، إن كثيراً من القصائد الغنائية والوطنية والعاطفية تبرز أسماء بعض المدن والمناطق والقرى وغيرها من البقاع اليمنية لما له من دورٍ كبيرٍ في التعريف بها وتأصيلها في أذهان الشباب مما يدفع بهم ويحفزهم على الإطلاع على مآثرها واستطلاع معالمها . وللتدليل على ما أسلفناه، نورد هنا بعض النماذج من القصائد المغناة.

فقصيدة ( عن ساكني صنعاء ) للشاعر القاضي عبد الرحمن بن يحيى الآنسي، التي يقول مطلعها : عن ساكني صنعاء حديثك هات وافوج النسيم وخفف المسعى وقف كي يفهم القلب الكليم هل عهدنا يرعى؟ ولا يرعى العهود إلاّ كريم وسرّنا مكتوم لديهم أم معرّض للظهور ؟ ).

شدى بهذه الرائعة التي تتغلغل في الوجدان وتشرح حال من يفارق الأحباب ويخاطب الريح القادمة من ناحيتهم أكثر من فنان يمني .. لكن فناننا الكبير محمد مرشد ناجي ( أبو علي) أعطاها طابعا ورونقا مغايرا.

وفي اللون الأدبي والغنائي ( اللحجي ) نورد قصيدة " لحج الهناء " للشاعر الأمير " أحمد فضل علي العبدلي " الملقَّب بـ" القمندان" التي صاغها في روعة تصويرية بديعة تبرز محبته للوطن ، وصدق إحساسه نقتطف منها الآتي : ( لحج الهناء تبن الرخاء لله درك من وطن بالروح نفديك وهل ؟ لك ايها الوادي ثمن! ) وفي قوله أيضاً في ذات القصيدة : ( يا لحج أنت غرة الدنيا ويعسوب اليمن ) ومن لون الغناء " الحضرمي " نأخذ مطلعاً من قصيدة الشاعر الكبير " حسين أبوبكر المحضار " الذي كثيراً ما يعتز ويحن إلى وطنه ومسقط رأسه مدينة " الشحر " التي تحمل كثيراً من الكنايات مثل " سعاد " وغيرها ، وترددت في قصائده في حين أن البعض يفسرها بأنها امرأة وهذا ليس صحيحاً.

 يقول المحضار: قابليني يا سعاد والبسي ثوب السعادة عدت لك والخير عاد عوَّد الله كل عاده).

و"سعاد" يقصد بها مدينة " الشحر " بحضرموت . ومن اللون التهامي الرائع نقتطف هذه الصورة للشاعر ( علي عبد الرحمن جحاف) بلهجته التهامية الجميلة.

حيث يقول : (وا طائر أم غرب ذي وجهت سن أم تهايم قلبي ضناه أم عذاب أحيان في أم زيدية وأحيان منها أشايم شيب وعاده شباب سقم أشا اتسائلك واخو أم طيور أم حوايم عسى ترد الجواب) إلى آخر القصيدة التي برع في غنائها الفنان الكبير " أيوب طارش العبسي " وهناك روائع للشاعر اليافعي الكبير " يحيى عمر " وكان من ابرز الشعاء في عصره نقتطف من مطلع قصيدة مشهورة له شدى بها الفنان الكبير " محمد مرشد ناجي " يقول (يحيى عمر قال يا طرفي لمه تسهر إن شفت شي في طريقك أعجبك شله إن كان عادك صغيَّر ما تعرف البندر إذا دخلت المدينة قول بسم الله ).


وفي ختام هذا المطاف، وهذه الإطلالة المتواضعة، نتمنى على وسائل الإعلام الوطنية والمحلية بصورة عامة، ومراكزنا الثقافية على وجه الخصوص، الاهتمام بإبراز ذلك الموروث الغنائي، ورواده ومبدعيه، وتوثيقه لما له من أهمية في تعزيز اللحمة الوطنية، وصونه من السطو أو الضياع.

اخبار محلية

اخبار دولية

الرياضة

فكر وثقافة

آراء واتجاهات

مقالات

شعر وشعراء

اخبار اقتصادية

وثائقيات

جميع الحقوق محفوظة ©2013